برس عربي

مقالات

يقين الدليمي في السرد البصري والحنين

No. 9940 Sept. 18,2002

للكاتب عادل كامل

توثق يقين الدليمي اقدم علاقة بين الطبيعة بوصفها محيطا والانسان كونه مركزا لتجعل من العلاقة على صعيد الخطاب , وحده بين المعنى والاداء ,فالنص التشكيلي مازال يحكي ويقص موضوعات بالغة التأثير في المعنى وفي المعالجة أخيرا فالعزلة , او الاغتراب ,يتكرر في تجربة الرسامة ,امرأة محاصرةبين الصخور او في فضاءات الطبيعة , حيث يبدأ الاحساس بالاختلاف , والتصادم ,المرأة او الرمز الصريح يأخذ مداه الرومانسي حد الاكتفاء بالاشارات والعلامات , في مواجهة الطبيعة او الخارج ,هذا التضاد يكتم , ليعبر بلغة بصرية لاتنتظر التأويل , جوهر الحنين , واستعادة ينابيع مازالت لم تمت في عصر التبشير بموت الانسان , وعصر التهديدات بسحق سكان الارض , فالموضوع القديم , يستعاد عبر اشتياق دائم للمحبة والسكينة , ومن الصعب عد هذا التقليد الفني قد صار فائضا , امام التجريد او الرسم بعيدا عن عناصره الراسحة داخل الذاكرة , في المجال الادائي , فالرسامة تمارس سرد وقائع هذا الجوهر قسوة الانسان , وتصرفه العنيد تجاه الشفقة , فأعمالها تعالج ذات المشاهد الراسخة , في الرسم او في الشعر او السينما , طبيعة مكونة من الوديان والجبال والصخور والرمال وقد خلت من الرقة والشفافية , يقابل هذا المناخ العام اشارات للمضمون الانساني , الكائن المنفي او المعاقب او الذي سيبقى ابدا في حالة انتظار , فالامل هو كما يحصل في الحلم , يخص بنية قائمة على المدلول والدال , فحيث توجد قسوة توجد انتظارات فالرسامة تصنع مشاهدها ضمن هذا المدى , البحث عن نهاية سعيدة , كما في كل الحكايات وكما هي بنية الاسطورة , لكن تبقى لذائذ الرسم , واللعب , وعمل اللاشعور وخلق جسور الخ .....تحافظ على ماهو ابعد من السرد المتواصل لحكاية العزلة ....وتلك تبقى تنتظر توسعا في اغناء اسئلة الانسان ... ففي الرسم , بوصفه حساسية مبكرة , تكمن , كما في اللغة , مديات تخضع للتجريب والمغامرة , لان الظاهرة البصرية لاتكتمل طالما انها تعول على الامل المؤجل ...ورسومات يقين تبقى , في هذا السرد البصري والحفر في ذاكرة زاخرة بالشعر والحنين



الفنانة التشكيلية يقين الدليمي في صالة الخانجي

الكاتب السوري صفوان ابراهيم

كصبح ربيعي ,مصمغ بالندى ,فواح الاريج,تفتحت في آواخر صيف هذا العام ,لوحات الفنانة التشكيلية العراقية يقين الدليمي ,في صالة الخانجي بحلب ,وكان ذلك مناسبة لمطالعة أعمال ابداعية متميزة أقترن فيها اتقان واضح بثراء تعبيري مثير ,وتتجسد فيها دعوة حميمة لمشاركة الفنانة في معاناتها لغربتها المفروضة عليها بحكم الظروف المأساوية التي يعيشها بلدها الشقيق, وأملها في انكشاف الغمة عنهنهجها السريالي ,في رأينا ,لم يكن فحسب بناء تشكيليا لرؤية ورؤيا , لأنها لم تهوم في الاجواء الخيالية ,المبتكرة,لمجرد اكتشاف عوالم ,أو ارتياد آفاق ابداعية جديدة , ولاتقليص أو ألغاء لدور الوعي والعقل ,لان عوالمها التي لا تمت غالبا للواقع ,وتتصف بالغرابة وتتجسد فيها الغربة ,تخلق , رغم ذلك ,احساسا بالالفة , التي لاشك أنها جاءت من خلال تركيز فكري , على هدف ربما بدا للوهلة الاولى ذاتيا ,ولكنه قابل للتوسع بشمولية تحوله الى قصد مشترك ونرجح , على هذا الاساس ان اختيارها للنهج السريالي ,رغم ماهو ظاهر من سيطرة أكيدة على الرسم والتلوين وحبكة التشكيل ,لم يكن مجردا من القصد ,بل انطلق من وعي بأن ذلك الاسلوب يصلح لتجاوز الحدود التي تحبس واقعا معينا , وتقيده ,ويمكنها من ان تستخدم بمنتهى الحرية مفردات تشكيلية تشخيصية او لا تشخيصية, لتقول ماتريد بأقصى قدر من الحرية, ولاشك ان توفيقها في ذلك كان فريدا ,سواء عندما استعادت واستعارت الملامح البديعية للوطن ,في مناظر شاعرية ودرامية الاجواء وتوظف في آن معا , بنعومة , ملامح الخصوصية والاصالة التي يتفرد بها , او لدى تأكيدها واصرارها على قناعاتها بحتمية عودة وتجدد الحياة التي تتطلع , مع كل بناته وابنائه اليها ,لا بأستخدام الخطاب المباشر ,الاستعراضي ,وانما عن طريق علاقات تشكيلية ,تبقي الموضوع , رغم نأي اسلوب التنفيذ عن الشائع والمألوف ,مثيرا للأهتمام بقراءته ,ومغريا بالتحليق في اجوائه, والعيش في حناياه ,بل وربما وجد المتلقي نفسه , أزاء اللوحات , يزرع فيها , في مشاركة نادرة , اسقاطات تنبعث من ذاته , بل من اعماق أعماق شعوره , واحاسيسه , وتدل على ثائره بمكوناتها البديعية والموضوعية ويستدعي الامر , في الواقع , توجيه تحية خالصة للفنانة المجدة , وترحيبا حارا بها , في مالانقول انه وطنها الثاني لانها في القطر العربي السوري , أيضا ,بين شقيقاتها وأشقاءها ,وأهلها ,وصديقاتها ,وأصدقائها ,من أبناء الامة العربية الواحدة ,التي لاتغير الحدود المصطنعة ,والاحداث المفتعلة الطارئة, حقيقة وحدة الانتماء اليها ,وتقاسم المسؤولية


الفنانة التشكيلية العراقية يقين الدليمي طاقة فنية مستوحاة من تجاويف القلب والذاكرة

الكاتب السوري عبد الرحمن المهنا


في معرضها الاول الذي اقامته الفنانة التشكيلية العراقية يقين الدليمي في صالة الخانجي بحلب مؤخرا كان مفاجئا لفنانة اغتربت عن ارض الرافدين وابتعدت عن الآثام التي ارتكبتها قوى الشر بحق وطنها ,لتقدم عبر مجموعة من الاعمال صورت من خلالها الفنانة هواجسها الذاتية مبتعدة بذاكرتها عما يلوث المشاعر ويجرح الاحاسيس لتعود بنا الى بداية الخلق لتطرح علينا اسئلتها في الحب الذي افتقدته في وطنها العراق وانت تتأمل أعمال هذه الفنانة تشعر بأن لوحاتها منسوجة بخيال كائن كوني آت من الفضاء وتفصلنا عنه مسافات في الزمان والمكان , تريد ان تبعدنا عن صديد الالم والخراب وتخفف عنا هول الكارثة فأين وطنها , العراق ,لايتسع له القلب ولا الذاكرة لذلك ابتعدت عن الضجيج والصراخ وحطت بأحلامها وطموحاتها على كوكب آخر مصنوعة تضاريسه من تجاويف القلب والشرايين وأحلامها كانت من الذكريات القابعة في دهاليز العقل وأروقة القلب , يقين الدليمي فنانة تبحث عن آفاق فنية تجد من خلالها حلا لفك لغز الحب في هذا الوجود لتجعله بديلا عن الحرب والشرور والفناء فهي تحكي قصتها مع الحياة بأشكال والوان وأجواء كونية تشبه قصص الخيال العلمي , قصة بداية الخلق البطل فيهما ,آدم وحواء ,بأحزانهما وأفراحهما يتحاوران تارة بتعانق وتعاطف يجمع جسديهما الالفة برغبة اللقاء ورعشة التواصل ......انها قصة الخلق على هذه الارض قصة هذه الحياة وتناقضاتها ,قصة المرأة والرجل في تعاطفهما وتنافرهما على مر العصور .....تصورهما الفنانة يقين الدليمي متجذرين منبعثين من تضاريس كوكب خرافي بأشكاله وتعرجاته فتنقلنا من خلال لوحاتها الى عالم ليس عالمنا ترجعنا الى بداية الخلق لتبعث فينا الحب الذي فطر عليه الانسان منذ بدء الخليقة وافتقدناه عندما حل بنا الجشع والكره والشر وسكن افئدتنا ألوان الفنانة يقين الدليمي مدروسة بعناية فائقة لاتنقصها الشفافية التي تبعث في النفس حبورا من الصعب نسيانه فالتركيبات اللونية بتوزيعاتها المتتالية فيها تدرجات الوان , قوس قزح ,تأخذ بباب القلب وتخطف البصر فالتكوينات على سطوح لوحاتها منسجمة تماما مع التوليفات اللونية للاشكال المستخدمةفي محيط اللوحة لديهااللوحة بالنسبة للفنانة التشكيلية يقين الدليمي فضاء لوني ساكن فيه متسع للرؤية الانسانية وفيه أفق كوني يحمل لغزا انسانيا تسير من خلاله أعماق النفس البشرية المرتعشة خوفا وقلقا من مجهول يتربص بنا في هذه الحياة فلوحات هذه الفنانة ماهي الا دعوة لنا من اجل الحب والسلام فهي باحثة دائما عن آفاق بها فضاءات الروح وتطهر النفس من اجل حياة يسودها العدل والوئام والسلام بقي ان نذكر ان الفنانة العراقية يقين الدليمي من مدينة بغداد وحاصلة على بكالوريوس علوم الكيمياء ودبلوم معهد التراث الشعبي في قسم السيراميك من بغداد وهي عضوة في نقابة الفنانين التشكيليين العراقيين وعضوة في جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين ولها العديد من المشاركات الفنية منها في مركز بغداد للفنون وفي القاعات الاهلية الخاصة والتي شاركت فيها بمناسبات وطنية عديدة بالاضافة الى معرض شخصي في قاعة آفق ببغداد عام 2002 ولقد حازت على العديد من شهادات التقدير منها شهادة تقدير من وزارة الثقافة العراقية واخرى من مركز بغداد للفنون والاتحاد العام لنساء العراق ببغداد ومؤخرا حصلت على شهادة تقديريه من مهرجان أيام خان الحرير الذي اقيم مؤخرا في حلب وذلك لمشاركتها وتميزها بالفعاليات الثقافية والفنية فيه.



نحرص عادة على عدم استباق الحديث لاننا نفضل ان تكون مطالعتنا له استقراء للواقع , ولكن مناسبات معينة تجعلنا نخرج عن المعتاد وخصوصا عندما تتيح لنا المصادفة مالانستطيع مغالبة انتظار موعد لاحق للكتابه عنه. وهذا ماحدث في الواقع عندما كنا في زيارة شخصية للزميل محسن الخانجي في صالة الفنون الجميلة التي يملكها ويديرها , حيث اعتدنا حتى في غياب العروض التشكيلية ان نأنس بالحوار معه ونلقى لديه دائما نخبة من فناني ومفكري وأدباء وشعراء حلب في اجواء حضارية ونمارس خلال الحوار والمناقشات التي تدور فيها رياضة ذهنيه يندر ان تتاح لنا الفرصة ممارستها في مكان آخر . الذي ميز زيارتنا الاخيرة له ,واستدعى الكتابة عنها الفنانة التشكيلية العراقية السيدة يقين الدليمي , أحضرت الى الصالة خلال تواجدنا فيها مشاركتها في معرض الفنانين العرب الذي يجري الاستعداد لافتتاحه فيها ضمن الاحتفال بحلب عاصمة الثقافة الاسلامية لعام 2006 في موعد لاحق خلال الايام القليلة المقبلة ,ولانستطيع ان نقول اننا رأينا لوحتيها فحسب ,بل أننا في الواقع وقفنا امامهما طويلا وقرأنا فيهما ما لطالما رغبنا في مطالعته ,من حبكة تكوين,وحس لوني مغامر ,يمنحانها قدرة متميزة على استخدام درجات اللون القوية والحارة بجرأة لافته وتقنية عاليه ,واتجاه لتوظيف الحداثة ,فيما لايحول اللوحة الى تجسيد لنزوة ,او نزوات شخصية ,او طلاسم عصية على التواصل ,بل يحافظ على منطلق تعبيري ,ويوصل الرسالة التي تستهدف الفنانة وصولها الى ماربما امكن القول ان معظم شرائح المتلقين ,على اختلاف مستويات ثقافتهم البصرية خصوصا بما في لوحاتها من بديعية تشكل جاذبا قويا ودعوة لاتقاوم للتواصل معها . الميزات الفنية ,التي سبق ذكرها ,لانتاج الفنانة يقين الدليمي ,ربما لايمكن القول أنها حكرعليها ,ولكن تجسيد الهاجس الابداعي في انتاج فني ليس عملا يمكن تحقيقه بالانفصال عن الواقع,وليس اختراعا لاجواء لاتمت الى ذلك بصلة ,وهذه الفنانه الشابة ,لها ,على اية حال ,وضع خاص بعد ان اضطرت نتيجة لما خلفه الاجتياح الكارثي لوطنها والظروف الصعبة التي افرزها ,الى مغادرة بيتها ..ومع ان حلب لازالت كما كانت دائما صدرا رحبا لاحتضان الاشقاء الذين وضعتهم الاقدار امام محن أعظم من ان يتمكنوا من مواجهتها ,فأن قلبها الذي مازال ينبض بالحنين الى بلدها ,لم يحول الى ذلك الحنين الى لوعة فحسب ,بل جعلها تسكبه في لوحاتها ,لا في خطاب مباشر , وانما بطريقة تسمح لها بأن تقول ليس فقط مايمكن قوله فحسب بل وما يستدعي حرجمن نوع ما اعتماد نوع من التورية في طرحه ,دون ان يغيب منه الرأي والموقف تفصيل الحديث عن مضمون اللوحات الجديدة التي كانت مشاركة في المعرض الذي سبق ان اشرنا اليه ,نفضل ان نؤجله الى مابعد لفتتاح ذلك المعرض ليأتي الحديث عنها ضمن المناسبة والاطار التي وجهت اليه ولكننا مضطرون الى الالماح الى نجاح الفنانه يقين الدليمي , في انتاج بالمستوى الذي طالعناه في معرضها الفردي , الذي افتتح منذ أشهر في صالة الخانجي أيضا ,ومشاركتها في العديد من العروض الجماعية التالية رغم معاناتها , يجعلها امام حقيقة تتقدم كل ما عداها ,وتتمثل في اننا عندما نشاهد لوحاتها ونتواصل معها ,ومع روح التحدي والامل المتجدد اللذين يشعان في أجوائها ,فأن كل الرواكز تدل على اننا نقف امام فنانة حقيقة ,قدمت انتاجا ممتازا ,ونتوقع منها المزيد ,مذكرين أياها بأن عددا من المع المبدعين التشكيليين والفنانين عموما ,كان المغذي الرئيسي لجذوة عبقرياتهم ,تحدي الظروف الصعبة

عن الفنانة التشكيلية العراقية الشقيقة يقين الدليمي الاغتراب القسري عن الوطن ليس سببا للشلل

الكاتب السوري صفوان ابراهيم